الغرب وحرب المعلومات

الغرب وحرب المعلومات

الرئيس الروسي في كلمته التحليلية بامتياز أمام الهيئة التشريعية والحكومة، والنخب السياسية وكبار الضباط، التي دامت أكثر من ساعة، فضح فيها الغرب وسياسته النازية، التي أخرجت المارد من الزجاجة، فعاث فساداً في العالم، الذي يقود حرباً ضد بلاده، والتي لن ينجح فيها أبداً، والذي يسعى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لسلطة غير محدودة، على حد قوله، تتوسع حسب المصالح، وتحويل نزاع محلي إلى إقليمي، وبالتالي تعدى كل الحدود والمعايير الأخلاقية، بحيث خرب دولاً وشرد شعوبها، منها العراق وسوريا واليمن وليبيا، زرع النازية في أوروبا في الماضي، ويحاول الآن تكرار ذلك، وقد اعتاد على البصق على العالم، مارس حرب المعلومات، ووجهها لإفساد الشباب، شجع المثلية والشذوذ، صنع الإرهاب وتوابعه، وزرعهم لتبقى مصالحه قائمة، ويتسنى له التدخل بحجج واهية، وغطاء سياسي عسكري، لتحقيق مآربه يعفيه من ردود الأفعال الدولية.

قوة الاقتصاد الروسي

كما أكد على قوة الاقتصاد الروسي، والوضع المالي المريح، وعدم احتياجهم للاستدانة، والإصرار على استمرارية الحرب، بناءً على قوله: كلما زاد التموين الغربي لأوكرانيا بالسلاح، سترد روسيا بقوة لدفع العدو بعيداً، كما بين أن مدى الرد الروسي سيكون أبعد إن واصل الغرب تعنته لخلط الأوراق، لتهديد روسيا بمد أوكرانيا بالصواريخ ذات المدى الطويل، كما أن قراره بتعليق بلاده العمل بمعاهدة ستارت إبتداءً من هذا الثلاثاء، للحد من الأسلحة الإستراتيجية، وتطوير فرنسا وبريطانيا لأسلحتهما النووية الموجهة ضد روسيا، يعتبر تصعيد خطير ينذر بحرب عالمية نووية. للعلم أن هذه المعاهدة وقعت سنة 2010، من قبل الرئيسين الأميركي باراك أوباما، والروسي آنذاك ديمتري ميدفيديف، والتي تفرض قيوداً على نشر الولايات المتحدة، وروسيا للأسلحة النووية الإستراتيجية، كما تنص على ألا يزيد عدد الرؤوس النووية لدى كل من الطرفين على 1550 رأساً، و700 قاذفة إستراتيجية.

تشريح الرئيس الروسي للوضع السياسي والاقتصادي والعسكري، بهذه الدقة فيه الكثير من الحزم والعزم، واتهامه للغرب بقيادة الولايات المتحدة بهذه الصيغة التي جاءت في خطابه، يفيد أنه مبني على معلومات مهمة، تكون قد جمعتها المخابرات الروسية، وقامت بتحليلها بطريقة جدية، وبنت عليها استراتيجيتها المحتملة في المواجهة والرد، وبالتالي أعطتها روسيا أهمية قصوى، وحسبت لها ألف حساب، وبذلك أخذت كل احتياطاتها لكل الاحتمالات الواردة، من التهديد الغربي لأمنها القومي، سواء في الوقت الراهن، أو في المستقبل، كون الوضع ينذر بتصعيد حقيقي خطير، في ظل تبادل التهم، حسب ما جاء في ردة الفعل الأولية على خطاب الرئيس الروسي من طرف مستشار الأمن القومي، الذي رد قائلاً: “لا أحد يهاجم روسيا.. هناك نوع من السخافة في فكرة أن روسيا كانت تتعرض لشكل من أشكال التهديد العسكري من أوكرانيا، أو من أي جانب آخر”.

ومن هنا….

يتبين لنا أن رسالة الرئيس الروسي وصلت وبقوة، وتأثيرها كان سريع المفعول، لذلك على الغرب أن يقوم بتحليلها جيداً، واستنباط ما فيها، وقراءة مابين السطور، لأن الوضع أصبح خطير جداً، وعلى أمريكا وحلفائها، أن تعي جيداً أن سياسة الدركي على العالم، التي كان يفرضها على الدول الضعيفة قد ولت، وأن اللعب بالنار بتزويده لأوكرانيا بالسلاح، قد يشعل فتيل حرب لَا تُبْقِى وَلَا تَذَرُ، ستحرق الجميع.

هذا الخطاب المهم سيكون محط تحليل واسع وجدل كبير، وسيسيل له مداد غزير من طرف المحللين والسياسيين، والخبراء العسكريين، خصوصاً بعد رد الرئيس الأمريكي بايدن، والذي سيكون عبارة عن مناظرة، سيكون تأثيرها كبيراً على الشارع الأمريكي، سيحصد تأييد كبير يعطي أريحية لبايدن بمواصلة سياسته الخارجية، كما أن اتهام أمريكا للصين بتزويد روسيا بالسلاح فيه كثير من التصعيد والمداهنة.

Comments are closed.