التاريخ لا يحابي أحداً

التاريخ لا يحابي أحداً

التاريخ لا يحابي أحداً

كم هو مؤلم أن تحارب الأعداء نيابة عن الأمة، فتحاربك الأمة نيابة عن الأعداء، هي جملة تلخّص حالنا اليوم، نحن لن نتكلم عن خذلاننا لغزّة، فرائحة هذا الخذلان النتنة تفوح في كل بقاع بلاد العرب، لكننا سنتكلم عن الخيانة التي تحولت إلى وجهة نظر.

إنّ الخيانة التي نعيش تفاصيلها اليوم، رغم أنها ليست الأولى في تاريخ أمتنا، إلا أنّها أشّدهم ألماً و قبحاً، كيف لا ونحن نرى نتائجها، ونعيش تفاصيلها على مدار 100 يوم.

 

 

قتل، و تذبيح، وتنكيل، وتجويع، دمار شامل للبنية التحتية لغزّة، والكل يتفرج.

وكأن كل هذا لم يشف غليل الصهاينة والمتصهينين، الذين عملوا على تشويه وشيطنة المقاومة، فخططوا لما هو أكبر، تهجير أهل غزّة قسراً، فهم شوكة في حلق هذا وذاك.

فصهاينة العرب، الذين أخرجتهم صواريخ القسّام من جحورهم، ونزعت القناع عن وجوههم، ولم تترك لهم خياراً أخر، فجهروا بخيانة طالما مارسوها سراً، إصطفوا مع إسرائيل بلا خجل، وساهموا في حصار إخوة لهم، في موقف يذكرنا بحصار قريش لبني هاشم، في شعاب مكة، ولكن الفرق بين هذه وتلك، هو أنه رغم الجاهلية، لم يستطع الشرفاء الصمت طويلاً أمام هول ما كان يعيشه إخوانهم، فإنتفضو، ومزقوا ما أسموه بصحيفة العار، وقال حينها زهير بن أبي أمية، قولته الشهيرة: (يا أهل مكة أنأكل الطعام، ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى، لا يباع ولا يبتاع منهم؟ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة)، فما أشرف جاهلية الأمس، وما أقذر الحضارة اليوم.

ما بعد طوفان الأقصى

إن ما بعد طوفان الأقصى ليس كما قبله، فهو إن كان أعاد الحياة للقضية الفلسطينية، التي أراد بعضهم وأدها، إلا أنه أثبت سقوط المنظومة العربية وموتها، بفعل ولع الحكام بديمومة السلطة، وصفقات قرن فاسدة، وإدمان الخيانة.

وبينما تنتزع غزة وأهلها بصمودها الأسطوري، الذي لم يرى مثلها إلا أيام الفتوحات الإسلامية، حيث حققت جيوش المسلمين، المزودة بالإيمان، إنتصارات باهرة أمام أقوى وأكبر جيوش الأرض أنذاك، من روم وفرس، تنتزع غزة إعجاب وإحترام شعوب العالم، من الشرفاء، وتعيد للأمة شرفها وعزتها وكرامتها، المفقودين بفعل الخيانة والجبن، في حين يختار صهاينة العرب زاوية مظلمة من زوايا صفحات التاريخ، الذي لا يرحم، ليسجلوا فيها أسماءهم التي ستبصق عليها الأجيال القادمة، تماماً كما كان يفعل الحجّاج في الجاهلية، بقبر أبو رغال أول خائن عربي.

Comments are closed.