يقال أن الصمت علامة الرضا

يقال أن الصمت علامة الرضا

طوفان الأقصى.. لست أدري إن كانت المقاومة الفلسطينية تدرك حين أطلقت هذا الإسم على هجومها، أنه سيكون طوفاناً حقيقياً، يفضح حقيقة الجميع، وأولهم عالم عربي وإسلامي، من المفروض أن فلسطين جزءًا لا يتجزأ منه، أقول من المفروض، لأن ما يحدث اليوم على أرض الواقع، يعطيك إنطباعاً أن المقاومة هي العدو، وأنّ إسرائيل هي الشقيقة والصديقة.

 

طوفان الأقصى فضح العرب والمسلمين على السواء، فهو لم يترك لهم ورقة توت يستترون بها، فحالة اللامبالاة الرهيبة التي يعيشونها أمام المجازر التي تحدث في غزة، والتي يقابلها تعاطف عالمي غير مسبوق، أعاد للقضية الفلسطينية حياتها، لا يمكن تفسيرها إلا بمباركة للعدوان، ألا يقال بأن الصمت علامة الرضا؟.

بالأمس القريب

بالأمس القريب، إتهم محامي الكيان الصهيوني، مصر، أمام محكمة العدل الدولية، بأنّها هي من أغلقت أبواب معبر رفح الخاضع لسيادتها، وهي من منع دخول المساعدات لغزة، أي هي من تقوم بتجويع أهل غزة، ولا دخل لإسرائيل في ذلك.. ولم نسمع أو نقرأ تكذيباً رسمياً من هذه الأخيرة إلى اليوم.

وبالأمس القريب، خرج بعضهم قائلاً.. (إنّ الشعب الفلسطيني سيهزم في النهاية الإرهابيين – في إشارة إلى المقاومة الفلسطينية – وسينتصر على أمراء الموت، وسيمد يديه بالسلام إلى جيرانه بدلًا من أحزمة الموت).

وبالأمس القريب، خرج من يلتمس الأعذار لسلوك إسرائيل، ويصفه بالدفاع عن النفس، بل هناك منهم من وصف هجمات المقاومة بالبربرية والشنيعة.

وليكتمل المشهد و يتحول إلى دراما كوميدية، فقد أقام زعيم المعارضة الإسرائيلية الدنيا ولم يقعدها..

لأنّ مواطنا أردنيًا تجرأ وأطلق على مطعمه إسم 7 أكتوبر، يائير لبيد أدان هذا الأمر، وطالب الحكومة الأردنية بإدانته أيضًا قائلاً: (يجب أن يتوقف التمجيد المشين لـ 7 أكتوبر، ونتوقع من الحكومة الأردنية أن تدين الأمر علناً، وبشكل لا لبس فيه).

وفعلاً، فقد إستجابت الأردن لمطلب يائير حتى لا أقول لأمره، ورفضت السلطات المعنية هذه التسمية، وأجبر صاحب المطعم على تغييرها.

من العجز إلى التواطئ

لقد كانت الأنظمة العربية في الماضي عاجزة، لتتحول اليوم إلى أنظمة متواطئة، لا يعنيها ما يحدث في غزة، ولا تزعزعها صور الموت والجوع، التي باتت تشكل يوميات إخواننا هناك، في صورة مخزية تظهر أنّ المستوى الذي بلغه الوطن العربي.. مستوى لا قاع له.

 

بكاؤنا، رثاؤنا، تأسفنا، تعاطفنا، كلّها شكليات، لا تسمن وتغني من جوع، فهي لن تفيد الأطفال الذين يتضورون جوعاً وعطشاً، ولا الجرحى الذين يئّنون ألماً، لن تفيد الذين يلتحفون السماء ويفترشون الأرض، وهم يرتعدون برداً، هي فقط عنوان هزيمة، وخذلان لا يغتفر.

لقد قال صلاح الدين الأيوبي في زمن العزّة: (والله إني لأستحي أن أضحك والمسجد الأقصى مازال أسيراً)، أما في زمن المذلة، أقام العرب المهرجانات والبطولات، وإعتبروا أن الحياة لن تتوقف، لمجرد أن غزة تباد، متناسين قوله جل وعلا: (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور).

Comments are closed.